كلمة رئيس محلس امناء كيميت في الحفل السنوي الثالث
السيدة ليا بطرس غالي الرئيسة الشرفية لمؤسسة كيميت
السادة الوزراء والسفراء والضيوف الكرام
السادة أعضاء مجلس الأمناء وأعضاء الهيئة الاستشارية
يسعدني ان أرحب بسيادتكم
السيدات والسادة الحضور الكريم
ها نحن نلتقي في ذكرى ميلاد أستاذنا الراحل الدكتور بطرس بطرس غالي التاسعة والتسعين، وهو من هو في مكانته الرفيعة، وعلمه الغزير، وشخصيته المتميزة. إنه صاحب أعلى منصب دولي وصل إليه مصري أو عربي أو أفريقي، وباعتباري واحدًا من تلاميذه قبل أن أكون رئيسًا تنفيذيًا للمؤسسة التي تحمل اسمه العظيم، وهي مؤسسة "كيميت"، التي تضم نخبة من أبناء الوطن الذين يعرفون قدر أستاذهم الراحل، ومكانته الدولية الرفيعة، فإنني استأذنكم أن أطرح ثلاث ملاحظات جوهرية في هذه الذكرى العطرة:
أولا: إن بطرس بطرس غالي هو واحد من العظام الذين ردموا الفجوة بين أبناء الوطن المصري، ولا أكاد أجد له نظيرًا في تاريخنا المصري المعاصر، إلا الجراح العالمي مجدي يعقوب، فكلاهما عمل بتفانِ في خدمة الوطن بل والإنسانية كلها بلا تمييز أو تفرقة. ولقد كنا نشعر جميعا بأننا أبناءه الحقيقيين، ونستمع إلى نصائحه، ونأخذ توجيهاته، ونتعلم منه.
ثانيا: إن بطرس بطرس غالي على المستوى الدولي هو رائد عملاق في مضمار السياسة العالمية، والعلاقات الدولية حيث كان داعية قويًا للسلام العالمي، وقضايا البناء والتنمية في القارة الإفريقية، بل وفي كل الدول النامية في النصف الثاني من القرن العشرين، ولعلنا نتذكر الآن بكل الاحترام أن ابن مصر العظيم هو صاحب (أجندة السلام) التي بشر بها في وجه من حاولوا توجيه منظمة الأمم المتحدة في غير اتجاهها الذي أراده لها آباؤها المؤسسون بعد حربين عالميتين حصدتا أرواح الملايين.
ثالثا: إن وصول بطرس بطرس غالي إلى منصبه كأمين عام للأمم المتحدة قد جاء بإرادة دولية حصل فيها على أحد عشر صوتًا في مجلس الأمن، بينما-وهذا هو العجيب-اخرج من منصبه رغم حصوله على أربعة عشرة صوتًا مؤيدًا في انتخابات التجديد، وفقد منصبه نتيجة العوار في تركيبة مجلس الأمن، وطبيعة العمل في المنظمات الدولية المعاصرة، لقد خرج من مبني الأمم المتحدة كبيرًا كما دخل، منتصرًا للحق، رافضًا للظلم، داعمًا لحق تقرير المصير لشعوب الأرض دون تفرقة أو استثناء.
مضى اليوم عام على لقائنا الأخير حول ذكرى الدكتور بطرس غالي، ورغم استمرار الظروف التي فرضتها الجائحة للعام الثاني على التوالي، فقد حرصت المؤسسة أن تواصل أنشطتها الفكرية والثقافية من خلال الوبينارات التي تنظمها عن بعد، وأن تضيف إلى ما قدمته من قبل منذ تأسيسها، فمنذ احتفالنا في نوفمبر من العام الماضي حرصنا على تبادل الآراء وترسيخ مبدأ الحوار لمناقشة القضايا المهمة التي تشغل مجتمعنا ومنطقتنا، بل وتشغل العالم.
فجاء اللقاء الأول من منطلق اهتمام المؤسسة بالشأن الأفريقي الذي كان يشكل أحد أهم المحاور في مسيرة الدكتور بطرس غالي، ناقشنا تطورات الأوضاع في شرق أفريقيا وآفاقها، والمحددات التي تحكم علاقتنا بدول المنطقة مع إبراز أهمية دعم علاقات التعاون بين المنطقة العربية والقارة الإفريقية لما فيه من مصلحة مشتركة كشرط أولي لتحقيق التنمية المستدامة المطلوبة.
وتفاعلًا مع الأحداث في المنطقة، ومع تصاعد الأحداث في الأراضي الفلسطينية على خلفية محاولات السلطات الإسرائيلية إجلاء الفلسطينيين عن مساكنهم في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، وما أعقب ذلك من تصعيد يهدد أمن وسلامة المنطقة العربية، ويزيد من تعقيدات القضية الفلسطينية، نظمت المؤسسة جلسة حوار شارك فيها ساسة وخبراء من مصر وفلسطين ولبنان وتونس ناقشوا خلالها الوضع الراهن للقضية الفلسطينية، مركزين على أهمية المصالحة الفلسطينية للتقدم في اتجاه تحقيق حل عادل للقضية.
وانطلاقًا من حرصنا على مواكبة العصر وتوسيع دائرة الاهتمام والوعي المجتمعي بقضايا وامكانيات عصرية تتنافس عليها ومن خلالها الدول، ومواكبة للتطورات المتسارعة التي فرضتها ثورة المعلومات والاتصالات وعصر البيانات العملاقة على الصعيد العالمي، عقدت المؤسسة جلسة حول الكوابل البحرية لنقل المعلومات، ورغم الطابع التقني للموضوع فقد كانت له أبعاده الاقتصادية والثقافية والسياسية التي اتضحت من خلال المناقشة والحوار والاستماع الى الخبراء في هذا المجال للتوعية بأحسن السبل للاستفادة من إمكانياتنا.
تعتز المؤسسة كذلك بأنها شاركت في جلسات الحوار المجتمعي الذي سبق إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، كما تعمل على توطيد علاقتها بالمؤسسات التي تعمل في نفس المجالات التي نهتم بها، وفي هذا السياق تواصل المؤسسة عملها ضمن شبكة المنظمات غير الحكومية العاملة مع مؤسسة أنا ليند، كذلك وقعنا برتوكول تعاون مع المجلس المصري للسياسة الخارجية.
الحضور الكريم
إننا اليوم نحتفل مثل كل عام بالمتفوقين في دراستهم من الطلاب المتخرجين من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وكذلك بالباحثين أصحاب التميز العلمي في الجامعات المصرية برسائلهم للدكتوراه في مجالي القانون الدولي العام والتنظيم الدولي، وفي مجال الدراسات الافريقية.
ويسعدني أن أعلن في يوم ميلاد أستاذنا الكبير د. بطرس بطرس غالي عن منح جائزة مؤسسته "كيميت" لاسمين كبيرين يستحقان التقدير، ولهما باع كبير في الميادين الاكاديمية والدبلوماسية والسياسية. ولقد ذهبت الجائزة -هذا العام -إلى كل من الفقيه القانوني الدولي والأستاذ الكبير بالجامعات الأوروبية، والذي تتلمذت على يديه أجيال من الطلاب العرب والأفارقة والأجانب، وفي مقدمتهم عدد من الطلاب المصريين، وأعني به الدكتور جورج أبي صعب، الذي يحتل مكانة دولية مرموقة، تجعله أهلا لهذه الجائزة، وتربط بين اسمه وأسم استاذه الراحل بطرس غالي.
أما الجائزة الثانية فهي تذهب هذا العام إلى شخصية افريقية مرموقة، وأعني بها الدكتور سالم أحمد سالم، والذي لم يستطع الحضور لظروفه الصحية وجاء بالنيابة عنه ابنه أحمد سالم، الدكتور سالم احمد سالم ابن تنزانيا المرموق دوليًا وأفريقيًا، والذي تولي حقائب وزارية في بلاده، ومواقع في المنظمات الدولية كان آخرها وصوله إلى منصب أمين عام منظمة الوحدة الأفريقية. وقد عرف د. سالم القاهرة، وعاش فيها، وكان نصيرًا قويًا لحركات التحرر الوطني، ولعب دورًا إعلاميًا ضخمًا باسم افريقيا عندما انضمت الصين لأول مرة للأمم المتحدة، ودخلت مجلس الأمن في مطلع سبعينيات القرن الماضي، فتحية لهما، وتهنئة بالجائزة مع أطيب الأماني بدوام الازدهار.
السيدات والسادة
إنني لا أملك في هذه المناسبة إلا أن أحيي ذكرى أستاذنا الراحل، وأن أشد على يد قرينته الجليلة، وأتطلع إلى العام القادم حيث نحتفل في مثل هذا اليوم بمئوية الدكتور/ بطرس غالي ابن مصر البار، ورمزها المشرف، وايقونة الجامعات المصرية، والدبلوماسية الحديثة، والرائد في مجالات السياسة والصحافة والفكر المستنير.
رحمهُ الله .. رحمة واسعة جزاء ما قدم لوطنه من أعمال جليلة لا تنساها البشرية أبدا........
أود قبل أن أختم كلمتي أن أرحب بضيوف الشرف وهم
السيد الوزير الدكتور / خالد عبد الغفار - وزير التعليم العالي والبحث العلمي
والسيد الوزير الدكتور/ خالد العناني – وزير السياحة والأثار
والسيدة الوزيرة الدكتورة / نيفين القباج – وزيرة التضامن الاجتماعي
كما أود الترحيب بالسيد الوزير اللواء أركان حرب / خالد فودة – محافظ جنوب سيناء...
وأشكرهم لحضورهم ومشاركتهم معنا في هذا الحفل ويشرفني أن أقدم لهم درع المؤسسة تقديراً وعرفاناً
وشكرا لحضوركم وكل عام وأنتم بخير.