ندوة "واقع ومستقبل صناعة الكتاب والنشر في مصر"
أكد المشاركون في ندوة "واقع ومستقبل صناعة الكتاب والنشر في مصر"، التي نظمتها "مؤسسة كيميت بطرس غالي للسلام والمعرفة"، بالنادي الدبلوماسي، أن مصر هي الأولى بالوطن العربي في مجال النشر والتأليف والثقافة.
ونوه المشاركون بالندوة، التي أدارتها المديرة التنفيذية للمؤسسة السفيرة ليلى بهاء الدين، بأن "معرض القاهرة الدولي للكتاب" لايزال الأهم في المنطقة العربية، خاصة لأنه يتم تنظيمه في مدينة "القاهرة" العظيمة، ويذهل الجميع كل عام بالإقبال الكثيف من قبل الجمهور الذي يحرص على زيارته أيا كانت الظروف.
وفي هذا الإطار، قال رئيس مجلس أمناء مؤسسة "بطرس غالي" ممدوح عباس، إن صناعة الكتاب والنشر من أقدم الصناعات الثقافية التي توطنت واستقرت في مصر، وأضاف أنه منذ الربع الأول من القرن الـ19 أصبحت طباعة الكتب ونشرها صناعة قائمة في مصر، وقد مرت هذه الصناعة بمراحل متعددة فكانت أحيانا مستقلة وأحيانا تحت سيطرة الدولة، وأحيانا ثالثة تقاسمت دور النشر الخاصة ودور النشر الحكومية أعباء الصناعة.
وتابع أن مصر عرفت كذلك تجارب مهمة في تأسيس تعاونيات النشر، كما أن لدينا اتحادا للناشرين المصريين منذ سنوات عدة، مذكرا بأن بلادنا عرفت أول معرض للكتاب على يد الدكتورة سهير القلماوي والدكتور ثروت عكاشة في عام 1969، هذا المعرض الذي ما زال مستمرا إلى الآن ويعد وسيلة مناسبة لدعم صناعة الكتاب والنشر.
واستطرد أنه بعد التغيرات السياسية والاقتصادية والتقنية السريعة، تثار العديد من الأسئلة حول واقع صناعة الكتاب والنشر ومستقبلها، والتغيرات في الموضوعات التي كانت تنشر بين الأمس واليوم، والكتب الأكثر مبيعا اليوم وعلاقة ذلك بأهمية تلك الكتب.
كما تساءل عن تأثير التقدم التكنولوجي وثورة المعلومات والاتصالات على النشر ومدى سرعة تفاعل واستفادة الناشرين المصريين بالنشر الرقمي، بجانب مشكلات القرصنة وحقوق النشر وحقوق الملكية الفكرية، وتأثير الأزمة الاقتصادية على صناعة الكتاب والنشر.
من جانبه، أكد رئيس مجلس إدارة "دار الشروق" المهندس إبراهيم المعلم أن الكتاب والنشر هما مفتاح وأساس الثقافة، حيث إن الصناعات الإبداعية الثقافية هي الأكثر قبولا وتأثيرا في بناء الإنسان الذي يعد أساس وهدف التنمية .
وأوضح أن الصناعات الإبداعية عامل مهم في تقدم البلدان والمجتمعات لارتباطها ببناء الإنسان، مسلطا الضوء على أهمية احترام وحماية حقوق الملكية الفكرية حتى تستطيع تلك الصناعة الاستمرار.
وشدد على ضرورة إحياء الفن والموسيقى والشعر والأفلام ورعايتها بالقوانين لمواجهة الاعتداء على الملكية الفكرية، مذكرا بأن الصناعات الإبداعية والبرمجيات والنشر من أقدم صادرات مصر عبر مختلف الأزمنة، حيث قمنا بتصدير تلك الصناعة حتى إندونيسيا شرقا ونيجيريا غربا، وكنا أول من دخل عالم النشر.
ولفت إلى أن مدينة الإسكندرية كانت تعد العاصمة الثانية للكتاب في العالم نظرا لتاريخ مكتبتها التي تعد منارة للثقافة، داعيا إلى إحياء مقترح أن تكون عروس البحر المتوسط هي "الابداع المركزي في العالم" وذلك كما طرح من قبل تقديرا لعظمة مكتبة الإسكندرية، مضيفا "هذا الاقتراح الذي طرح من قبل ولم ير النور يدل على أننا في مصر نستطيع فعل الكثير في مجال الثقافة".
ونوه بأن أكبر عدد من الكتب التي تصدر في مصر هي الكتب الجامعية سواء حكومية أو غير حكومية، وتشهد تطورا عاما بعد عام، مذكرا بأن الكتب الدراسية والمناهج المصرية كانت تدرس في معظم البلدان العربية.
وأبرز أن العالم يشهد صراعات ثقافية تضاعفت خلال السنوات الأخيرة، علاوة على التطور والتغيير الهائل الذي نعيشه اليوم; فهناك الكتاب الإلكتروني والورقي والسمعي، مشددا على أهمية إصدار الكتاب باللغة العربية وليس بالعامية، كما كان يؤمن بذلك "نجيب محفوظ" حتى نصل إلى القارئ العربي ولا نقتصر على القارئ المصري فقط.
ونبه المهندس إبراهيم المعلم إلى أنه إذا ما أردنا الرقي والتقدم فعلينا تقليل المسافة بين اللغة العربية والعامية، مثمنا في الوقت ذاته جهود الدولة المصرية لمواجهة حركة التزوير التي تضر بهذا المجال.
من جهته، قال أستاذ السياسات العامة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة الدكتور إبراهيم عوض، إن الصناعات الإبداعية والثقافية من أهم الصناعات في أي دولة تريد أو تسعى إلى تحقيق التقدم والتنمية، وأوضح أن الثقافة تشكل عقل الأمم، ومصر قادرة على فعل الكثير في هذا المجال، إذ إنه بإمكانها أن تشكل عقل القارئ بالمنطقة العربية، كما كانت تؤثر فيه في الماضي.
وشارك في ندوة "واقع ومستقبل صناعة الكتاب والنشر في مصر"، التي عقدت مساء أمس الأربعاء بالنادي الدبلوماسي، لفيف من الشخصيات العامة والسياسية والدبلوماسية والثقافية.